النقطة الأولى
إقتصاد “التقسيط “
عند الحديث عن المرحلة الإقتصادية الجديدة علينا أن نأخذ في إعتبارنا إجراء العديد من المراجعات والسلوكيات والأدوات والممارسات التي تتم في الأسواق والوقوف عند عدد من النقاط الهامة ، واهم ما يجب ان نستحضره هو ما صنعته الرأسمالية الأمريكية وأدواتها في العالم، والتي أعدتها لذلك قبل أكثر من نصف قرن ، فامتلكت كل أدوات اللعبة للتحكم في سلوكيات الشعوب الإنفاقية وعقدت النية على أن تجعل الشعوب دوما تعيش تحت الإستدانة المستدامة ، وتجعل الشعوب غير المثقفة ترفع سقف طموحاتها في إحتياج دائم من السلع والخدمات مهما كان حجم وشُح الدخل ، وصنعت لهذه النوعية من الممارسات وجهان: وجه يتعلق بالبائع الذي يبحث عن أي رواج وهمي عبر البيع بأساليب التقسيط المختلفة كنوع من التسهيلات، وهذا النوع قد إستفادت منه قطاعات مختلفة بعينها فقط على رأسها قطاعات التطوير العقاري وقطاع السيارات وما شابه ،، وهناك وجه آخر للمشتري الذي أعتقد أنه كان هو المستهدف الأول للدخول في الدوامات والغرق وسط بحر الظلمات في رحلة تحقيق الأماني في ظل ضعف القوة الشرائية وغياب التأمين المستقبلي “كله عايش يوم بيومه لكنه يمتلك شاليهاً فاخراً في أحد المنتجعات الفخمة ” يسعى لكي يتمكن من تحقيق كل أحلامه وطموحاته لمجرد أنه يمتلك دفترا
للشيكات أو كارتاً بلاستيكياً صادراً له من أحد البنوك ، وبين الوجه الأول والثاني ضاعت العديد من الدول في غياب وتأخر تنظيم هذه الأنظمة المتعلقة بالمدفوعات سواءً من خلال إستخدام أساليب وأنظمة التشريع أو الوعي والتثقيف أو التطبيق المشدد للقانون أو أنظمة حماية المتعثرين ، وكالعادة هناك شعوباً تفيق بعد فوات الأوان وبعد أن تتعقد الأمور تماماً، فنسمع حينها عن قوانين التمويل الإستهلاكي ونعتبر أن ذلك يعتبر خطوة للإصلاح ولكنها ليست الخطوة الكفيلة بحل هذه المشكلة من جذورها ، ويكمن الحل في كلمات بسيطة أهمها إستحداث أنظمة حماية إجتماعية للشريحة الكبرى من القوة العاملة وهم نحو ٢٥ مليون موظف وعامل بالقطاع الخاص بدلاً من منظومة التأمينات الإجتماعية البالية والتي أرى أنها لا تثمن ولا تغني من جوع ولا تضمن لأي موظف أي نوع من الحماية أمام التزاماته حال تركه لوظيفته وأثناء الفترات الإنتقالية في البحث عن فرص عمل أخرى ، وهذا نظام معمول به ويمكن أن يتم تطبيقه بالاستعانة بتجارب دول أخرى.
النقطة الثانية
إقتصاد “مكافحة العدوى”
بكل تأكيد أن بناء إقتصاد جديد يستلزم كادر بشري يتمتع بحالة صحية جيدة، وقد إستعرضنا ذلك في نقطة هامة سابقة تتعلق باقتصاديات الصحة العامة ، لكن الكل يعلم أن ميزانيات الصحة العامة من الضروريات وتمثل عبءً ثقيلاً على موازنات بعض الدول التي تعاني شح الموارد على الرغم من أن الدستور قد كفل نسب معينة لموازنات الصحة والتعليم وهم حق أصيل للمواطن ولدافعي الضرائب ، ولكن على صعيد آخر هناك بعض الأمور والمجالات التي يجب الالتفات اليها وهي كفيلة بالسيطرة على ٣٢-٣٣٪ من موازنات الصحة العامة في الدول النامية عبر رفع مستويات مكافحة العدوى وهذا وفقاً لعدد كبير من الدراسات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية ، ويمكن للشعوب رفع مستويات مكافحة العدوى عبر رفع الوعي التطبيقي في المقولة الشهيرة ” الوقاية خيرُ من العلاج”، ويمكن القول أن الوعي بمستويات النظافة العامة والصحة العامة والتدريب على ذلك واستحداث مناهج تعليمية متقدمة على غرار ما فعلته أكثر من ١١ دولة متقدمة لديها الآن معاهد تعليمية مدة الدراسة بها أربعة سنوات لمكافحة العدوى يمكن أن تُخرج الممرض المتخصص في مكافحة العدوى وتخرّج المتخصص في سلامة الأغذية والمتخصص في تدريب كل المستويات والمهن والمراقب المثقف المتعلم المتقدم، فإن هذه الكوادر القوية نحتاجها في جميع أماكن إعداد الطعام والمطاعم والمطابخ والمستشفيات وبيوت التجميل وصالونات الحلاقة والمواصلات العامة ، ولعل ما حدث في كورونا يجعلنا أن نأخذ بهذه الأساليب لنكون رواد القارة الإفريقية في هذا المجال والذي سيوفر الميزانيات للطب العلاجي ويقلل من الضغط على إقتصاد الدول الناشئة الجديد.