“الطبيعة لها أنياب”
حرائق كاليفورنيا والدروس المستفادة وعودة إلى الإنسان ،، نعم الإنسان والإنسانية التي خصص لها المولى تبارك وتعالى سورة في كتابه الكريم سورة “الإنسان” ، ولعلي هنا أُذكر الجميع بالآية الكريمة رقم ٢٩ في هذه السورة ، بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا” صدق الله العظيم
السؤال هنا ؟ هل انت أيها القارئ الكريم جاهز لكي نذهب معاً إلى المشهد ، تعالى نتوقف قليلاً !!
أين الذكاء الإصطناعي ، وعلاقته بالتنبؤات وعلم الأرصاد الجوية وقوة الرياح وربط كل ذلك بعناصر الاطفاء؟ لقد سخر الله سبحانه وتعالي كل شئ للإنسان ، ورزقه الطبيعة من أشجار وأنهار ومياه وجبال وأرض وسماء وأمطار ونعيم مستدام ،، إلا أن البشر قد تجرأ على الطبيعة ، نعم سادتي ، جرأة وتوحش مرعب ،، “وأنذرتهم وحذرّتهم، كثيراً وتغولوا !” فقد قاموا في كل صوبٍ بإنشاء مدنُ صناعية ثقيلة تُمثل نواتجها “٩٨٪ من الإنبعاثات الضارة والسامة” ، كما قاموا بتغيير خريطة المناخ العالمي، بل والأكثر من ذلك كله ، هم لا يلتزمون بسداد التعويضات للعالم المسكين لكي يستطيع تأمين الغذاء والدواء لشعوب تتأثر بنسبة على تقل عن ٩٨٪ سلباً في إنتاجهم ومحاصيلهم وصحتهم ، لقد أخذوا كل ثروات العالم النامي من خامات وادخلوا عليها قيمة مضافة بادوات الصناعة واعادوا طرح المنتجات في اسواق هذا العالم النامي ولم يأخذوا بأيديه او يعطونه فرصة للوقوف على اقدامه وتحقيق الإستفادة بثراوته، والآن يشهد العالم الكارثة الإنسانية التي تحدث في كاليفورنيا، التي كان يمثل اقتصاد ولاياتها اكثر من إقتصاد ٥ دول بحجم إقتصاد بولندا مثلاً ، نعم هي كارثة تصيب كل قلب بشري و تؤلم كل من يتمتع بالشعور الإنساني بكل حزن عميق ، لا يمكن أن نفرق بإنسانيتنا بين “بني الإنسان” في جميع الكوارث والأزمات التي نسأل الله تبارك وتعالي أن يحمينا ويبعدنا عنها ويحفظنا منها ومن كل أذى وكل شر.
لكن ياسادة ،نسينا الخالق والخليقة ، البشرية تناست الانسان والانسانية ، الاسلام السياسي وتوظيف الدين وخلق صراعات سياسية ازهقت الالاف من الارواح في تناحر ولم تحترم الانسانية ، لقد نصّب الانسان نفسه وليّاً شرعياً علي بني الانسان الاخر ، وتطاول في القتل وسفك الدماء ، وفي ناحية اخرى اشتد صراع المنعوتين بالدول العظمي في بناء اقتصادات على حساب إفقار شعوب أخرى ، لم يحترموا الطفل والشيخ والأم ولم يقدسوا الإنسانية ، لقد نسوا وجود الله وأنه قادر أن يغير الموازين بإستخدام أدوات بسيطة مثل “النيران والرياح والطير وعالم الميكروبات .. الخ ،، إن الأسلحة والجنود الطبيعية لدى خالق الطبيعة والبشر والإنسان متوفرة ، ولا تستغرق جزء من الثانية في إقامة العدل إذا جاءت إرادة المولى عز وجل ،، هذه دعوة للإستفادة والتدبر والتأمل فقط وليس للشماتة أبداً .
إنني أتقدم بخالص دعواتي القلبية والطيبة لحماية والحفاظ على كل شبر من أرض المعمورة يقيم عليها بنو الانسان ، داعيا الله سبحانه وتعالى ألا يُقتل أي إنسان أو يٌسلب حقه كُرهاً وعدواناً، وأتصور أن بعض من القلة قد ذهبوا لمقارنة ليست في محلها من وجهة نظري .. في مقارنة بين دمار غزة ودمار كاليفورنيا ،، حيث أن دمار الأولى هو تدمير وتشريد بفعل فاعل من بني الإنسان لبني الإنسان ذلك العنصر القوي الذي يستقوى بالآلات والمعدات والعتاد التي صنعها الإنسان لفناء أرواح وأطفال ونساء وشيوخ ليس لهم ذنب إلا أنهم يحافظون ويدافعون عن حياتهم وأرضهم وبيوتهم ، والصراع في القتل بينهم وبين العدو امور متبادلة في رحلة قذرة لسفك الدماء اعتبرها دماء الإنسانية جمعاء ،، أما كاليفورنيا فهي مشهدُ أخر تناولها البعض من غير المتعاطفين ، والذي لا أؤيده بالطبع، ولكن ربما أرى أن رؤيتهم أتت نتيجة لحالة نفسية طبيعية أصابتهم بسبب التأثيرات التراكمية الأمريكية السلبية التي نجمت جراء أساليب السياسة والإقتصاد والدعم لكل دمار والتخطيط خلف كل خراب من أجل تحقيق أهداف أمريكية خاصة ، لذا كانت هذه هي ردة الفعل من أصحاب العقول المتأملة والتي تقارن وتعقد الأمر بداخلها ولا تملك للمظلوم في الدنيا الإنتصار وربما تدمع العيون عندما يأتي الحق ويتدخل العزيز الجبار ، من خلال رسائل كونية تعيد التوازن للأمور البشرية والنفس والروح لعودة الإنضباط والإلتزام الإنساني على الأرض ، ولا يستطيع أحد أن يتصور حجم الرسالة وتوقيت بدايتها ومنتهاها ، هذه دنيتكم ولله في أمره شئون.
ربما تقودنا كاليفورنيا وأحداثها إلى القيامة وصور القيامة واهوال يوم الحشر ، يوم العدل المطلق الحق المبين ، وربما تتوقف عند هذا القدر ونجد بعدها عودة للعقل والتعقل و حالة من العدل الإنساني لتسير الدنيا إلى محطات أخرى يظل الإنسان فيها مهما تطاول في العلم والبحث وتوصل إلى كل أنظمة التقنية والتكنولوجيا الحديثة ألا أن الشيء المؤكد الوحيد أن لله الأمر ومن بعد ، فهو الخالق البارئ المصور القادر على كل شيء الذي يقول للشيء “كن فيكون “!!