الاهتراء .. التشريعي بين الاسباب والحلول

قوانين .. قوانين .. قوانين .. اقرأ القانون، أوقف القانون .. عدّل القانون والعِبرة بالتطبيق!! أي العِبرة بالخواتيم
قانون مخالفات وشروط البناء شابه أكثر من العوار ولم نستطع إنهاءه وتطبيقه، قانون “التسجيل العقاري” مرّ بأسوأ إخراج أيضًا، سيارة المصريين بالخارج كان قانونًا يُعدّل كل أسبوع، قانون الإيجارات لم نتفق على إخراجه .. وما سمعته عن تأجيله حتى تمرّ الانتخابات شيء غير معقول، وقانون المحليات لم يظهر إلى النور، وقانون الاستثمار عُدّل ١٠ تعديلات في ٥ سنوات وما زال التعديل مستمرًا، وقانون العقوبات والإجراءات الجنائية ما زال مثيرًا للجدل .. وقانونٌ عُمل به بنود إذعان على أصحاب الأعمال وكأننا دولة إنتاجها وتصديرها تخطّى الصين وأتوقّع صعوبة في التطبيق
دعونا نتّفق باحثين معًا في محراب حُب هذا الوطن عن الحقيقة، راغبين في الوصول لأسباب هذا الاهتراء والترهّل التشريعي، حتى إذا ما خرجنا بقانون وتمّ إقراره، تجد لائحته التنفيذية تخرج بعد عام أو عامين وبها العديد من الطلاسم، صعب فهمها، ثم تجد إسهالًا من القرارات الوزارية المتعارضة مع قرارات وزارية سابقة ومع نصوص القانون واللائحة، والدليل على كلامي في هذا اللغط: اذهبوا وحلّلوا سنويًا أرقام قضايا القضاء الإداري ومجلس الدولة!!، حتى إنك تجد نفسك إذا كنت ممّن يعملون في المحاماة أو الشئون القانونية أو المحتكّين بعالم القانون من أجل الاستثمار أو الحياة العامة في مصر، أنّك في مهبّ الريح، وهذه واحدة من أهم الثغرات التي يواجهها الاستثمار والاقتصاد والبناء، البنية التحتية التشريعية هشّة، لدرجة تجعل غياب كلٍّ من العمل المؤسسي وأعمال تطبيق القانون في طيّ الغيب، وهذا يفتح الباب لكثير من الأبواب والطرق الخلفية، ولا تستطيع محاسبة مسئول حكومي على تقصير، ولا تستطيع أخذ حقّ مواطن بسيط بالقانون!!
لماذا يا سادة نمرّ بهذه المرحلة الصعبة بعدما كنا دولة “السنهوري” ودولة من يضعون دساتير الدول الحديثة في المنطقة؟ ودولة مكتبات وكتب وأساتذة وشيوخ القضاء والقانون!! لماذا ذهبنا إلى هذا المربّع الصفريّ التشريعي؟ هل لأنّ الاهتمام بتعليم القانون وتخريج طلاب أكفاء يعتزّون بالقانون من كليات حقوق مصر ورفع شأنها وشأن خريجيها بعافية؟ أم لأنّ القانون لدينا هو تصوّر لنصوص صمّاء، أحبارًا فوق أوراق، وفي التطبيق والتنفيذ “طُرق أبوزيد كلّها مسالك” يا منجي من المهالك
أم أنّ هناك حالة تعارض مصالح في أشخاص أصحاب المصالح ممّن يُعدّون المقترحات التشريعية، ومن يُنيبون عن الشعب من نواب وشيوخ في مناقشة القوانين أثناء الإعداد؟
أم هناك أنيميا وضعف تمثيل رجال وحُجج القانون في الغرف التشريعية، وإن مُثّلوا يُمثّلون بتمثيل مع إيقاف التفعيل؟
أم لعدم وجود جلسات عصف ذهني تشريعي مستمرة ومتواصلة ومتصلة بكل شفافية مع أرض الواقع ومع من سيُطبّق عليهم القانون ويتعاملون به؟
أم لأنّ الحوار المجتمعي الذي يتمّ على مسودة أيّ قانون هو حوار شكلي، ليس موضوعيًّا، مُفرّغًا من المضمون؟
أم أنّ الإعلام لم يأخذ هذا الملفّ التثقيفي مأخذ الجدّ وعمل على القيام بدوره؟
أم لم تتمكّن جهة مختصّة بعمل منصة متخصصة لأخذ آراء الشعب والتصويت من عمومية الشعب إلكترونيًّا، وهذا أمر سهل ومتاح الآن، لكي تتمكّن من إخراج تشريع يحصل على إجماع ورضاء المتعاملين فيه؟
فالمُشرّع في القانون الفرنسي، ومن قبله التشريع الإلهي القادم من السماء من لدن حكيمٍ عليم، التشريع كان لأهداف واضحة، أهمها تنظيم الحياة والحقوق، وتحقيق الحقّ والعدل معًا.. العدل الناجز بين الناس، وتسهيل حياتهم والمساهمة في تنظيمها، وليس خلق حالات مشقة متتالية ومتعثّرة، وهنا أتصوّر أنّ ملف التشريع يحتاج منّا جميعًا وقفة
يا أهل التشريع مَدَد، حتى يكون التطبيق برضاء المواطنين وكامل العدد