على أبواب مرحلة إقتصادية جديدة نقطتين وبس
النقطة الأولى “الأمن الغذائي”
في عمليات التخطيط ووضع الرؤى لبناء إقتصاد أي دولة فإنه يتعين الأخذ في الاعتبار أن الإقتصاد الجيد يتم بناؤه بالتوازي مع محور بناء الامن الغذائي ، لأن هذا العنصر الهام هو أحد مكونات ركائز وإستقرار الشعوب ،الأمر الذي يتيح ويهيئ الأجواء وبيئة التنفيذ للمشروعات والأهداف الإقتصادية الموضوعة في جوٍ من الإستقرار للشعوب داخل مربع جغرافي محدد تستقر فيه معدلات الأمن الغذائي ، ويتمحور مفهوم الامن الغذائي في أربعة عمليات أساسية وهامة وهي : عملية الإتاحة ، ثم القدرة ، ثم السلامة ، وأخيراً الاستدامة، والإتاحة هنا تعني إتاحة السلع الأساسية لشعب ما في كل الأسواق ولكل الفئات والطبقات ، أما القدرة فهي القدرة الشرائية لهذا الشعب علي شراء هذه السلع المتاحة ، وفيما يتعلق بالسلامة فهي سلامة وصحة السلع الغذائية المتاحة والتي لدي الشعب القدرة على شرائها ، واخيرا الإستدامة وتعني ان كل ما سبق من اتا٣حة وقدرة وسلامة يجب ان يكون متوافر على مدار العام وبشكل آمن ، ويعمل المخططون والإقتصاديون والمنتجون على تحقيق الأمن الغذائي عبر أربعة أعمدة أساسية ، العمود الأول وهو المعني والأساسي برفع معدلات ونسب الإكتفاء الذاتي عبر الزراعة والتصنيع الغذائي وإستخدام أساليب زراعية حديثة ومبتكرة مع إدخال التكنولوجيا الحديثة والتوسع في الرقعة الزراعية وتحسين السياسات الزراعية التي تنعكس على الإنتاجية، أما العمود الثاني فهو يرتكز على مبادئ الإعتماد الذاتي وهو مبدأ يُرسخ إستخدام فوائض الإقتصاد والعمل على الزراعة والتوسع في مشروعات الانتاج الحيواني وتوفير السلع من خلال إستغلال ارض الغير خارج الحدود شريطة ان يتم ذلك وفق دراسات جدوى واقعية وحقيقية وصادقة واتفاقيات سيادية لا تتأثر بأي ظروف او ملابسات سياسية، أما العمود الثالث فهو الإستيراد الخارجي للسلع التي بها عجز ومنها على سبيل المثال القمح والسكر ويتدخل في هذا العنصر الهام العديد من الفنيات اما العمود الاخير فهو صناعة اللوجيستيات وأنظمة التخزين وتقليل الهادر من الغذاء وضبط ومراجعة الإحتياطي اليومي مع ضرورة مراعاة الزيادة السكانية، مماسبق وعلى أي حال فإن الأمن الغذائي يتطلب تعاوناً بين القطاعين الخاص والحكومي مع توفير تسهيلات خاصة لمنتجي ومصنعي السلع الأساسية وإستحداث حوافز خاصة للغاية للمتعاملين في هذا القطاع وهذا المجال الهام.
النقطة الثانية “الإدارة الإقتصادية”
يسألني البعض دوماً سؤالاً يفرض نفسه وربما يراه البعض سؤالًا يحمل الكثير من الإستفسارات وبعمق شديد ، السؤال المحيّر دوما ،لماذا تصطبغ مؤسسة الرئاسة الأمريكية وهي أكبر اقتصاد في العالم بأنها في الانهيار فيما يتعلق باختيار رئيساً لأمريكا ، وهل من المعقول ان دولة بهذا الحجم وهذا الأداء المؤسسي مازالت غير قادرة على إفراز وجوهاً غير الوجوه المتصدرة لسباق الرئاسة والتي تعكس شكلاً لا يعبر عما يتوقعه الملايين من سكان الأرض ، والإجابة باختصار يا سادة أنها الآليات الحديثة والإدارة الإقتصادية،، فلما العجب ؟ علينا ان نتفهم ونتيقن ان النظام العالمي تحوّل خلال ااربع قرنٍ الماضي تحوّلاً جذرياً ، وانقلب العالم رأساً على عقب ومازلنا في موجات وفجوات واهتزازات وترددات لانتاج عالم جديد، التكنولوجيا وعالم الإلكترونيات المفرط وثورة الذكاء الاصطناعي وآليات إدارة كافة العمليات وحتى العقول إلكترونيا فرضت ابجديات جديدة على عالم السياسة التقليدي والشكل التقليدي لرموزه ، والنسخ الجديدة والمتجددة والتي تلد كل يوما الملايين من الأشخاص الذين يقفزون لنجومية المال أكثر من الساسة انفسهم ، إنه عالم “إيلون ماسك” ومارك زوكربيرج،، وغيرهم ، علينا فقط ان نُحرك اصابعنا فوق لوحة مفاتيح باللمس لنغير الصورة الذهنية في عقولنا حول شخصية وشكل الساسة التقليديين والرؤساء ،، إنه عالم الذكاء الاصطناعي والإحصاءات والإستغناء عن ملايين الوظائف وإستحداث الآف الوظائف وتغييرات جذرية في معدلات الربحية في عالم الرأسمالية وموجات وذبذبات متلاحقة ، ستغير وجه العالم من عالم السياسة التي تخدم الإقتصاد إلى عالم الاقتصاد الذي سيقود السياسة ولا أحد ينتظر اصحاب الياقات البيضاء وروابط العنق الأنيقة والخطب الرئاسية الحنجورية ، كلنا امام مشهد جديد من شعوب تصعد إقتصاديا وشعوب أخرى تجوع رغم إمتلاكها لكل قواعد اللعبة وكافة الموارد ، هذه حقبة في التاريخ الحديث المتسارع علينا ان نقبل آلياتها فهي واحدة من مشاهد أبواب المرحلة الإقتصادية الجديدة .