نظرة “متعددة الأبعاد”

نتابع عن كثب مستجدات الأحداث والمتغيرات ومسار الأمور على الصعيدين السياسي والإقتصادي من منطلق ومنظور التحليل واستكشاف الرؤية وقراءة المشهد الإقتصادي والأبعاد المختلفة لكل التصريحات ، لاسيما ان عام ٢٠٢٥ دَخل علينا ببدايات ساخنة وعلى رأسها فترة “الرئاسة الأمريكية” الجديدة وتنصيب الرئيس “دونالد ترامب ” رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ونظراً لسخونة وتنوع وتسارع الأحداث العالمية كانت شدة الترقب لمجئ وقرارات وتصريحات ” دونالد ترامب ” ولعلّ أبرزها التصريحات المتبادلة بينه وبين القيادة في المملكة العربية السعودية ، وهنا سوف أتوقف بالتحليل الدقيق لهذا التصريح وأبعاده ودلالاته ولعل أبرز ما تم ملاحظته هو لغة الصراحة والوضوح والشفافية بين المنادي وملبي النداء ، إعتدنا عقلية رجل الأعمال من الجهة السياسية والرأسمالية الأمريكية في شخص الرئيس الحالي، وآعتدنا لغة التطلع واعادة البناء والعدو حول تحقيق مجد جديد بتوظيف الأموال من خلال لغة القيادة السعودية الحديثة ، فكان الحوار متوقع وكانت الترجمة صريحة وواضحة في الردود المتبادلة ، ولعلي أتصور أن هناك أكثر من وجه إيجابي يحققه النظام السعودي من هذه الآلية في التعاطي مع متطلبات السياسة والإقتصاد في الوقت الراهن ، ودعونا نتساءل ، خلال أسبوع واحد فقط من هذه التصريحات ما هو حجم الإنتشار والدعاية لإسم المملكة العربية السعودية على مستوى كوكب الأرض؟!!!! هل يوجد الآن جنين في بطن امه لم يسمع عن المملكة العربية السعودية وقدرة الدولة الاستثمارية ، وهذا التعريف السوقي العملاق الذي يضع المملكة على رأس مستثمري العالم، وله مردودات ايجابية كثيرة في التجارة الدولية مع المملكة اذا ما أُحسن توظيفه ،،وهذه أيضا تُعدُ لغة من لغات القوة عندما تجلس على طاولة الكبار، ولعلي أيضا أتوقف عند بُعد آخر يتعلق بمعايير حركة الإستثمارات البينية الدولية وتعالوا نجري حسابات بسيطة بعيداً عن العاطفة متجنبين النواحي السياسية ومحللين من الجانب الاقتصادي و”الإستثماري” فقط ، نتحدث بمنتهي الصراحة ، أي منطقة في العالم الآن لديها تنوع في السلة الإستثمارية أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية، اي مكان على الأرض الآن يصنع مليارديرات ويحقق عوائد على الإستثمار في مشاريع جديدة غير تقليدية مثل مشروعات الذكاء الاصطناعي وقطاع الألعاب الإلكترونية ، اي مكان في العالم الآن يستطيع المستثمر من خلاله أن يحافظ على أمواله مقابل الدولار الأمريكي دون هبوط وتذبذب عملته امام الدولار ، فقط علي أرض أمريكا التي تدير دولار العالم ،، واكثر امناً واستقرارا سياسياً ،، هذه نظرة إستثمارية وتطلع سعودي ثاقب علاوة علي ما ينتج من ود وتقارب وجهات نظر بين البلدين يخدم قضايا عديدة اخري ،، هل يتصور عاقل أن هناك دولة تريد ان تستثمر في أي مكان في العالم بهذا الحجم من الإستثمارات ، ولا تبحث عن مكان خالي من البيروقراطية،ولديه قوانين واضحة وملزمة ، وحرّيات وإستمتاع في إدارة الإستثمارات، وحرية وسهولة في انشاء وتدشين الاعمال وايضا في حركة خروج ودخول الأموال ، ، حقيقة ستجد نفسك في النهاية ليس أمامك إلاّ النموذج الأمريكي ،، هذه حقائق بعيدة تماماً عن عاطفة “الحب والكراهية” لأمريكا سياسياً، وبعيداً عن غوغائية النقد ،، والأسئلة المتضاربة ..لماذا لا يستثمر السعوديون هنا أو هناك؟ ، بل هناك من يُنصب نفسه على مواقع السوشيال وصياً على أموال المملكة العربية السعودية وأهلها ، وكأنه شريك !!
دعوني أذهب بكم إلى بُعد آخر : لو لديك فوائض مالية ناتجة عن إيراداتك وانت تريد خلق شراكات إستثمارية صناعية أو رقمية او مشروعات طاقة جديدة او مشروعات عملاقة في قطاعا الطيران أو معدات عسكرية على أرضك لتوطين هذه الصناعات وللتصدير وتحسين مستويات دولتك إقتصادياً ، فلن تجد أقوى من شراكة الشركات الأمريكية المدعومة بالنماذج الإدارية المتقدمة والأبحاث العلمية الدقيقة التطبيقية ، هذا هو شكل الشراكات الإستثمارية السعودية الأمريكية والتي أتوقع أنها ستتخطى التريليون دولار ، وسوف يستطيع الجيل الحالي من كتيبة المخلصين الذين يعملون في المملكة العربية السعودية في دوائر منسقة حول ولي العهد أن يستفيدوا معاً في شراكة لاتقبل الشك ولا يساورها الإحباط وإنما تعمل ثم تعمل ثم تعمل.. ، والمُحزن أن هناك من لا يعمل وترك نفسه عاطلا على صفحات ومواقع السوشيال ليّسلط نفسه وصياً ناقداً ناقماً على الآخرين !!
يا سادة ان الأمر ليس بالبعد الأوحد لكن نحتاج ان نراه بعدسات متعددة الابعاد ،ونحن أمام مشهد إقتصادي أمريكي شرق أوسطي جديد متعدد الرؤى ومتنوع الاهداف