براءة “الباشاوية” من مقال ابن يعقوب

تعقيبًا على مقال الباشا الكبير، واقتراحه بعودة “الباشاوية”،،، مهلًا سعادة الباشا المفكّر الإنسان، واخدنا على فين؟! إحنا هنلاقي الحرب من دول الجوار ولا الحرب من “آل حرب”؟

هذه ليست كلمات في مقال للكاتب المحترم، فأتصوّر أنه لا يرغب ولا يقصد أن يختصر الحدوتة في ألقاب “الباشاوية” ولا الطربوش، ولكنه يود أن يشير إلى أن “الإقطاع” قد ترعرع، وأن أهداف ثورة ١٩٥٢ لم تتحقّق إلى الآن، وأننا منذ عام ١٩٨١ زرعنا زرعًا جديدًا للرأسمالية الجديدة، ولكن من زرع الزرعة ووضع البذرة مات وتركها بلا رعاية ولا إدارة، فحصدنا الرأسمالية “المتوحّشة” التي تزاوجت مع السلطة زواجًا منه ما هو شرعي، ومنه ما كان عُرفيًّا، ومنه ما هو على سبيل الصداقة والحب، “بالحب يعني”، وكل ثانية تتوغّل في الاستحواذ على أصول ومقدّرات الشعب وترمي له الفتات، آه والله، ويضغطون على الحاكم سلبًا وإيجابيًّا، تارة يتّحدون مع الإسلام السياسي، ومجموعة تتوغّل بالمال داخل أحزاب الأغلبية، وآخرون يتاجرون في العملة الأجنبية، ويدخل حاكم مصر وسط مثلث الرعب أضلاعه الرأسمالية المتوحّشة، والإسلام السياسي، والقاعدة للمثلث زواج السلطة بالمال، ويزداد الغني غنًى والفقير فقرًا

منذ عام ١٩٨١، قرّر السادات -رحمه الله- أن يضع البلد على طريق السياسة والاقتصاد، بعد صراع أيديولوجي مع الإعلام الأمريكي عشية توقيع كامب ديفيد، فعاد وقرّر إنشاء حياة سياسية واقتصادية، لا سيما أن مصر قد عاشت منذ عام ١٩٥٢ حياة عنوانها “صراعات قومية وعسكرية استنزافية” استُدرجت فيها كثيرًا… فَضّلت الطريق، ولم يكن لدينا أي تعريف أو هوية اقتصادية

فأنشأ السادات الحياة الحزبية: “الحزب الوطني – الوفد الجديد – التجمع التقدمي الوحدوي – العمل – الأحرار… إلخ”، وفي الاقتصاد دشّن الانفتاح الاقتصادي، بورسعيد منطقة حرة، ووضع حجر أساس مدن جديدة: العاشر من رمضان، والسادات، وبرج العرب، بهدف إنشاء تجمعات سكنية صناعية… إلخ، وكأنها كانت إذنًا جديدًا بأن ينتقل الثراء السريع عبر بيع الرمال والأراضي، والاغتناء من الأراضي سواءً أكانت سكنية أو صناعية أو زراعية أو خدمية أو سياحية، وحدث ذلك

وتوغّل هؤلاء بعد وفاته، واستمر ثلاثين عامًا غابت فيها أنظمة الإدارة والحوكمة والشفافية وقواعد البيانات والنظام الضريبي والتشريعات الثابتة… إلخ، كل ما يمكن أن تسمع عنه من أنواع الفساد مُورِث وتمّت ممارسته في هذه السنوات، فاسدٌ التقت إرادته مع فاسدٍ في الحكومات المتعاقبة فأعطاه بالتخصيص أرضًا، وفاسدٌ آخر التقت إرادته مع فاسدٍ يعمل بقطاع البنوك فأعطاه قرضًا، وما بين الأرض والقرض أورثونا الآن اقتصادًا مهتوك العرض، لا يمكن أن يستقيم أو يُعاد هيكلته أو يحقّق عدالة اجتماعية، فهو يحتاج إلى نسف المنظومة رأسًا على عقب، وطرد العناصر الفاسدة بمواجهة حاسمة، حتى نُحقّق اقتصادًا قائمًا على أُسس سليمة طاردًا للفساد وزواج السلطة بالمال، وتهيئة الدولة ومواردها للاستثمار الحقيقي وللعدالة الاجتماعية… القضاء تمامًا على الأمر الذي أفسد الإدارة والتشريع ودمّر حياة المصريين… لنا الله

بالمناسبة، الكاتب والمفكّر المحترم صاحب المقال الذي يُطالب بمنح الألقاب هو نفسه باشا كبير من قاطني المجمعات السكنية الفارهة، وعدد محترم من السيارات، ورحلات بين لندن والقاهرة، وطاله من الحب جانب في زواج السلطة وأدواتها المختلفة ومنها الصحافة مع المال… “براءة الباشاوية من مقال ابن يعقوب”… كلهم في الهواء سوا