بالارادة كل الاماني ممكنة

“شابُّوة”
كلّ عام وأنتم بكلّ خير، ومصر عيدها شبه خالٍ تمامًا من الألعاب النارية. صُداع صواريخ وبُمب ومُفرَقعات الأطفال لم يكن له أيّ رصد بشكل فجّ على الساحة، وهذا يُؤكّد المؤكّد لنا والذي دومًا نُنادي به، وهو توافر الإرادة في أيّ موضوع
حقيقة الأمر أنّ الدولة هذا العام كان لها إرادة كاملة غير منقوصة للقضاء على هذه الظاهرة تمامًا، فلم تهتمّ بحيتان المستوردين، ولا كبار التُجّار، ولا عفاريت المُخلّصين في الجمارك، ولا الأطفال وأهلهم وذويهم، أخذت الأمر بمنطق الطريق نحو القضاء التام، فتحقّق الأمر بشكل ملحوظ للجميع
والحقيقة الثابتة أنّ الحكومات في العالم الثالث، وفي مصر، لديها تجارب عديدة في هذا الصدد. عندما أرادت الدولة المصرية وقف التعدّي على الأرض الزراعية، ضربت بيدٍ من حديد وأوقفت كلّ هذا العبث، وكان لها ما أرادت، والسنوات الخمس الأخيرة تشهد على ذلك

وهذه الأمور والمواقف تأخذني لكي أعود بالذاكرة إلى عام ٢٠٠١ و٢٠٠٢، في ذلك الوقت لم يكن المصريّون يعرفون حزام الأمان في السيّارات، ولم يكونوا على دراية أو اكتراث بأهمّية هذا الأمر. وأتذكّر أنّ الدولة قرّرت وضع حزام الأمان كواحد من الأولويّات، وفي غضون شهر (ثلاثون يوم عمل) كان لها ما أرادت، بل إنّ أصحاب السيّارات كانوا يهرولون إلى محلات تركيب أحزمة الأمان، الأمر الذي رسّخ فكرة استخدام حزام الأمان، ودخول المُقصّرين في عداد المُخالفين، حتّى ارتفعت هذه الثقافة ووصلنا لذلك الحدّ الآن
قبل ٢٠٠١ كانت الإحصائيات تُشير إلى أنّ نسبة ارتداء حزام الأمان لا تتخطّى ٥٪؜ لدى المصريّين، والآن ربما يرتفع الأمر إلى فوق الـ ٨٠٪؜!! ولدينا من الأمثلة الكثير والكثير، الدولة المصرية قامت بردم منخفض “نفق” في طريق سير بارتفاع ١٧ مترًا بطريق رئيسي، وهو نفق العروبة في شارع صلاح سالم، وذلك في أسبوعين فقط، وقامت برصف وإعادة الشارع الشريان إلى المارّة بمنتهى اليسر

الخُلاصة: لا تُحدّثوننا عن المستحيل في ظلّ توافر الإرادة، وعند توافر الإرادة، كلّ الأماني ممكنة
كلّ ما سبق يُؤكّد أنّ الدولة إذا أرادت ستفعل، ولا أحد يسألني أو يُقاطع الرأي بأنّه لا توجد إمكانيّات، يا عزيزي، الإرادة فوق كلّ الإمكانيّات

وهنا دعوني أسأل
ماذا لو وضعت الدولة “التيك توك” و”التوك توك” محلّ الألعاب الناريّة والصواريخ ومُفرَقعات الأطفال
ماذا لو وضعت الدولة الحضور الطلّابي في المدارس الحكوميّة لطلّاب التعليم الأساسي
ماذا لو توافرت إرادة لضبط السلوك والانضباط المروري في الشارع المصري، والسلوك والانضباط البشري، والقضاء على البلطجة

كلّ شيء ممكن، وكلّ الأماني ممكنة، وضربنا أمثلة واضحة على بعض الموضوعات التي من الممكن أن يتمّ تحقيقها عند توافر الإرادة، ولدينا قائمة طويلة